الجمعة، 17 فبراير 2012

مفهوم القيادة في العصر التفاعلي

مفهوم القيادة في العصر التفا على

مفهوم القيادة في العصر التفاعلي
عادل عبد العاطي

مقدمة:
مفهوم القيادة في العصر التفاعلي ( Interactive Era)؛ يختلف تماما عن مفهومها فيما سبقه من عصور؛ اي العصور اللاتفاعلية. في هذا المقال نحاول ان نرسم خطوطا عريضة لتغير مفهوم القيادة في العصر التفاعلي؛ عن مفهوم القيادة التقليدية في العصور ما قبل التفاعلية.

العصر التفاعلي: ما هو ؟؟العصر التفاعلي هو الفترة من بداية التسعينات وحتى اليوم؛ وهو عصر وان حددنا بداياته بانطلاق الانترنت وتحوله الى وسيط تفاعلي رئيسي؛ الا ان افقه مفتوح ويزداد طابعه التفاعلي مع الايام. إرتبطت هذه الفترة بظهور الوسائط التفاعلية (Interactive Multimedia) والحلول التفاعلية (Interactive Solutions)؛ والتي تتجلي في علاقة تفاعلية بين المرسل والمتلقي؛ في حين كانت العلاقة ساكنة بين المرسل والمتلقي في العصور السابقة (المرسل يرسل خطابه والمتلقي يتلقاه)؛ اما في العصر التفاعلي فان المرسل والمتلقي في حالة تفاعلية؛ اذ للمتلقي 1/ امكانية اختيار المادة المُرسلة 2/ المساهمة برأيه حول الماة المرسلة؛ 3/ التأثير على المرسل. يتم كل عن طريق امتلاك المتلقي نفسه لوسائط تفاعلية؛ او مشاركته في العملية التفاعلية عن طريق استخدام الوسائط التفاعلية.

الوسائط التفاعلية:الوسائط التفاعلية هي كل الوسائط الاعلامية والاجتماعية وفي مجال الاتصالات التي لا تذهب فيها المعلومة في اتجاه واحد؛ وانما تجري في اتجاهين او اكثر.
لذلك فان اهم الوسائط التفاعلية هي شبكة الانترنت نفسها؛ وادوتها المختلفة (البريد الالكتروني؛ منتديات ومجموعات الحوار؛ المواقع التفاعلية؛ برامج الاتصالات الشخصية (الماسنجرز) ؛ برامج تبادل الملفات؛ الخ) .
كذلك من ضمن الوسائط التفاعلية يمكن ان نرصد التقنيات الرقمية في الارسال التلفزيوني والاذاعي (Digital Platforms) ؛ ادوات الاتصالات الحديثة (التلفونات المحمولة بخصائصها في ارسال الرسائل والتصوير وسماع الموسيقى الخ) ؛ الكاميرات الرقمية؛ وايضا برامج التدريب وأساليب التدريس والانتاج والتسويق والصحة والوقاية القائمة على المشاركة والتفاعل؛ الخ.

الفروق الاساسية بين العصر التفاعلي واللاتفاعلي:تكمن الفروق الاساسية للعصر التفاعلي عن ما سبقه من عصور غير تفاعلية في التالي:
1.انسياب المعلومة (والراي) في العصر التفاعلي دائري؛ بينما في في العصر غير التفاعلي إنسياب المعلومة (والرأي ) رأسي (من اعلى الى تحت).
2.المعلومة في العصر التفاعلي تذهب في اتجاهين : من المرسل للمتلقى وبالعكس؛ بينما في العصر غير التفاعلي فان المعلومة ذات اتجاه واحد.
3.المشاركة في صياغة المعلومة وتصحيحها ونشرها في العصر التفاعلي ذات طابع جماعي ومن مراكز متعددة؛ بينما في العصر غير التفاعلي تكون تلك العمليات ذات طابع محصور (سواء كان شخص او مؤسسة)؛ وتنطلق من مركز واحد.

مفهوم القيادة في العصر التفاعليالقيادة في العصر التفاعلي هي عبارة عن عملية (Proces)؛ و ليست منصباً أو أمتيازات. أن العصر التفاعلي يتطلب من الافراد والمنظمات على نحو متزايد؛ تغيير وتطوير قدراتهم للقيادة؛ وتأهيلها بحيث تستجيب لايقاع هذا العصر.
ولأن طابع القيادة الجديدة (كما كل العصر التفاعلي) دائري وغير هرمي ومتعدد المراكز (لا مركزي)؛ فمن الضروري ان تقوم كل هيئة وكل مؤسسة وكل فرد مشارك في العملية التفاعلية بأبراز "القائد" في شخصه وفي مؤسسته. أن العصر التفاعلي يفرض على كل منا القيام بتطوير قدراته القيادية إلى أقصى حد؛ من أجل تغيير منظماتنا ومؤسساتنا. فالطريق إلى القيادة في العصر التفاعلي يمر عن طريق التنمية الذاتية وادراك الطابع الجديد للعصر والسلوك وفقا له؛ كما إن إظهار القائد (التفاعلي )يتطلب فهم المبادئ الجديدة للقيادة التفاعلية وفلسفتها؛ وهو ما سنعود له بعد قليل.
المبادئ السبعة للقيادة التفاعلية:بناءا على ما سبق؛ وتطويرا للمساهمات الجديدة في مجال التفكير الاستراتيجي الخلاق؛ واعتمادا على التليد من رصيد الفكر الانساني؛ يمكننا صياغة المباديء السبعة التالية التي يجب ان يعالجها كل شخص منا وهو يسعى لتحويل نفسه قائدا في مجاله؛ ولتطوير ممارسة القيادة التفاعلية وللنهوض بعمله لمواجهة تحديات العصر التفاعلي:
1.اعرف هدفك وغايتك:لكل منا هدف. مع ذلك ليس كل شخص منا مدرك لاهدافه الكلية او اهدافه الشخصية. مهم جدا معرفة اهدافنا كأفراد؛ حتى يمكن حصر الاولويات وما يمكن تحقيقه في حياتنا. من المهم أيضا تطوير العادات العقلية التي تمكنا من التمييز بين التفاعلات واختيار الإيجابي منها وتجوز السلبي فيها. تنتج العادات العقلية من القيم الموجودة لدينا. بالمقابل فان القيم الجديدة تترسخ من خلال الممارسة والوعي الجديد؛ وتكون هادية في تنفيذنا لاهدافنا. وبمعرفتنا بمعرفتنا لاهدافنا؛ يمكن لنا أن نقرر تغيير قيمنا القديمة وتطوير قيمنا وممارساتنا الجديدة لكي نتمكن من تكملة عملية تعلمنا مدى الحياة.

2.أعرف نفسك وقدراتك ونواقصك:
مجرد التفكير في هذا الأمر هو بداية الطريق لكي تصبح قائداً. يجب علينا إدراك ما نعرفه و ما لا نعرفه عن أنفسنا؛ واكتشاف نواقصنا ومكامن الضعف في شخصيتنا وفي معارفنا؛ تمهيدا لمعالجتها. علينا أيضا أن نقدر مدى مقاومتنا وتحملنا للتغيير الذي هو الهدف الاساسي للقيادة التفاعلية السوداني؛ سواء كان تغيير الشخص نفسه او تغيير المجتمع ككل.
3.تنازل عما تملك وعن عاداتك القديمة: في العصور قبل التفاعلية؛ التقليدية منها والصناعية؛ كأن المبدأ السائد هو : "لا تتخلى عما بحوزتك حتى يتسنى لك التمسك بشيء آخر". في عصر التفاعل؛ لا يمكن أن يكون هنالك تقدم حقيقي إلا بتخليك عما أنت متمسك به. علينا اكتشاف الروابط التي تربطنا بماضينا وتقف في طريق فهمنا لحقيقة أنفسنا وواقعنا. بمجرد إدراكنا لهذه الروابط التي تربطنا؛ علينا التخلي عنها. هذا النهج هو ما سيجعلنا ننخرط في تجارب جديدة وتجاوز السلبي في القديم وسيمكننا من فهم أنفسنا أكثر.

4.أن نعيش السؤال في داخلنا:
في العصور قبل التفاعلية وبطبيعتها نفسها؛ كان التفكيك هو سيد الموقف. كان علينا دائما ونحن نعالج قضية ما أن نحللها ونعزل المشكلة و نسعى للتوصل لحل سريع. في عصر التفاعل؛ علينا معرفة أن كل شيء مرتبط بشيء آخر وشخص آخر؛ لذلك علينا أن نعيش السؤال مدة كافية لفهم العلاقات الضرورية الكامنة في القضايا.

5.تعلم فن "العمل الجماعي":
في العصر التفاعلي يكون التشديد أكثره على العمل الجماعي؛ باعتباره أس عملية التفاعل. في العمل الجماعي يمكننا تحقيق اهدافنا غن طريق مشاركة الاخرين. ان وجود الهدف المشترك ووجود الاليات المشتركة للعمل يحفز الأفراد المشاركين في العملية التفاعلية وفي القيادة التفاعلية على المساهمة بكل طاقاتهم و مواهبهم و قدراتهم؛ لتحقيق الهدف الموحد.

6.التخلى عن السلطة:
هذه النقطة مرتبطة باالنقطة الثالثة؛ وهي مربوطة بالقاعدة الرئيسية في فلسفة التاو الصينية القديمة (Tao)؛ والتي تعكس أنه كلما حاولنا التمسك بشيء ما؛ كلما زادت احتمالية خسارتنا له. اعتبار الناس الأخرين كمصادر غزيرة و متجددة للمعرفة؛ بدلا من اعتبارهم مجرد متلقين؛ ومساعدة الاخرين على ممارسة السلطة؛ وفي نفس الوقت التخلي عنها؛ يساعد في إدراك القدرات الحقيقية الكامنة في الأفراد؛ والمزايا الحقيقية للقيادة التفاعلية.

7.لا يشترط ان تكون القائد :
آخر مبادئ القيادة التفاعلية وما هو مربوط بما سبقه؛ هو ألا تشترط ان تكون القائد. هذا يعني أن تتخلى عن مطالب ذاتك وطموحاتك الشخصية الضيقة؛ المنقولة من نمط القيادة القديم. علينا أن نصبح جزء من الفريق وأن نستخدم قدراتنا لمساعدة الفريق في تحقيق النجاحات. يجب ان يصيبح التيم هو القائد؛ والمؤسسة هي القائد. هنالك دائما ثلاثة اختيارات: 1/ أن تبادر؛ 2/ أن تشارك؛ 3/ أن تدعم. المطلوب من القائد الجديد في العصر التفاعلي هو معرفة كيفية التصرف مع كل موقف؛ والمساهمة فيه بقدر القدرات وحسب احتياجات الموقف نفسه ورأي ومساهمة بقية المشاركين في العملية التفاعلية.

المراجع:
1.مركز التميز للمنظمات غير الحكومية: " مبادئ جديدة للقيادة" - تصنيف ورقم الوثيقة: مهارات تدريبية ، عدد (10)، 17 يوليو 2002.
2.”دونا بريستوود وبول شاومان جونيور:" Strategic Creatively "2002 - 1Quarter.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق